-Articles de presse-
9 - Essarih - 5 juin 2003 |
شجرة أخرى هوت : رحيل المؤرخ سليمان مصطفى زبيس
فقدنا في هذا الشهر، شهر التراث شخصية "تراثية" خدمت تراثنا التونسي و المغاربي كأقضل ما تكون الخدمة منذ عهد الشباب إلى الشيخوخة، هو المرحوم سليمان مصطفى زبيس. |
و من الغريب أن هذا التراثي الأصيل ولد في شهر ماي 1913 و توفي في شهر ماي 2003 في شهر أقرته تونس للتراث منذ أعوام.
و المرحوم زبيس معروف منذ عقود بتخصصه في هذا العلم و إسهامه في البحث و التنقيب عن مظاهر الحضارات المندثرة في الأرض التونسية.
وقد ألف عديد الكتب و قام بعديد التنقيبات و شارك في عديد المؤتمرات العلمية الخاصة بالتاريخ القديم والتراث
و أمامي الآن كتابه الذي نشر سنة 1958 بعنوان "آثارالمغرب العربي" عن سلسلة كتب البعث التي كان ينشرها الأديب الكبير أبو القاسم كرّو.
و للمرحوم سليمان مصطفى زبيس نظرية تاريخية جد هامة حول العهد الروماني بتونس الذي دام أربعة قرون. مفادها أن في القرنين الأولين ظهرت في تونس حضارة رومانية بحتة مزدهرة حيث عمّ الرخاء و الترف و انتشر العمران ولكن الفتور أدرك هذه الحضارة بعد 200 سنة من عمرها و بدأت تظهر بوادر حضارة تونسية غالبة على الرومان خلقت لها آثارا لها صبغة محلية صرفة تختلف عن المعالم الموجودة في روما نجد ذلك في مكثر و دقة و هو دليل على أن التأثير الروماني لم يكن عميقا بل سطحيا محدود المدى و هو يختلف في هذه النظرية التي استقاتها من الواقع الملموس عن أكثر المؤرخين الذين يؤكدون التأثير الروماني المطلق في تونس.
و المرحوم يورد مثالا حيا من هندسة بناء منازل "بلاريجيا" الذي لا نظيرله في المملكة الرومانية : بناء الطابق الأول من المنزل تحت الأرض و إقامة الطابق الثاني على سطح الأرض وهو وضع كما يقول لا يوجد مثله إلا في العراق.
وفي مكان آخر من الكتاب (ص34) يؤكد المؤلف أن تونس احتفظت بالفن الإسلامي الذي ظهر في القرن الثالث الهجري مثل جامع القيروان و جامع الزيتونة و جامع سوسة و ربطها و سورها بينما مثل هذه المعالم قد اضمحلت أو تحولت تماما عن أشكالها الأصلية في العراق و مصر و الأندلس. فنحن أمة منذ فجر التاريخ تحافظ على تراثها و تعتني به حتى ترتوي منه الأجيال اللاحقة و تتأصل في تربتها.
قاسم قاسم
الصريح 5 جوان 2003
|